الأرقم بن أبي الأرقم
(*-675م)
كان اسمه عبد مناف بن أسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم ويكنى أبا عبد
الله. قال ابن السكن، أمهُ (تماضر بنت حذيم السهمية) ويقال بنت عبد الحارث
الخزاعية، وكان سابع رجل يدخل في الإسلام، وقيل : كان الثاني عشر من الذين
أعلنوا إسلامهم. وفي الدار التي كان يمتلكها الأرقم على جبل الصفا، كان
النبي محمد يجتمع بأصحابهِ بعيداً عن أعين المشركين؛ ليعلمهم القرآن
وشرائع الإسلام، وفي هذه الدار أسلم كبار الصحابة وأوائل المسلمين.
شهد الأرقم بدراً وما بعدها من المشاهد، ومات بالمدينة في سنة 55 هجرية، وصلى عليه سعد بن أبي وقاص، وله بضع وثمانون سنة.
إسلامه
كان
من السابقين الأولين قيل أسلم بعد عشرة وقال البخاري: لهُ صحبة. وذكرهُ
ابن إسحاق وموسى بن عقبة فيمن شهدوا بدراً، وروى الحاكم في ترجمتهِ في
المستدرك أنه أسلم سابع سبعة.
وقد
أسلم الأرقم بن ابى الارقم على يد أبي بكر الصديق، فعن عائشة زوج النبي
محمد صلى الله عليه وسلم قالت: خرج أبو بكر الصديق يريد رسول الله وكان له
صديقاً في الجاهلية، فلقيه فقال: يا أبا القاسم فقدت من مجالس قومك
واتهموك بالعيب لآبائها وأمهاتها فقال رسول الله: إني رسول الله أدعوك إلى
الله عز وجل فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلامه أسلم أبو بكر
فانطلق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بين الأخشبين أحد أكثر
سروراً منه بإسلام أبي بكر ومضى أبو بكر وراح لعثمان بن عفان وطلحة بن
عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص فأسلموا ثم جاء الغد عثمان
بن مظعون وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد
والأرقم بن أبي الأرقم فأسلموا رضي الله عنهم
دار الأرقم
كانت
هذه الدار على جبل الصفا قريبة من الكعبة، وهي الدار التي كان النبي محمد
صلى الله عليه وسلم يجلس فيها مع الصحابة يقيمون صلاتهم، وبقي النبي محمد
صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الإسلام في دار الأرقم حتى تكاملوا أربعين
رجلاً، فخرجوا يجهرون بالدعوة إلى الله. فكانت أول دار للدعوة إلى
الإسلام، وكانت عند الصفا وقد صارت فيما بعد ذلك للمهدي فوهبها لامرأتهِ
الخيزران بنت عطاء أم أبو محمد موسى الهادي وهارون الرشيد، وقيل أنها
أشترتها، فعندما ذهبت للحج سنة 161هـ، بنتها وجددتها فعرفت بها، ثم وهبتها
للمسجد الحرام.
لماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم؟
1- أن الأرقم لم يكن معروفًا بإسلامه، فما كان يخطر ببال قريش أن يتم لقاء محمد وأصحابه بداره.
2
- أن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه وأرضاه من بني مخزوم، وقبيلة بني
مخزوم هي التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم، فلو كان الأرقم
معروفًا بإسلامه فلا يخطر في البال أن يكون اللقاء في داره، لأن هذا يعني
أنه يتم في قلب صفوف العدو
3
- كان الأرقم رضي الله عنه فتىً عند إسلامه، فلقد كان في حدود السادسة
عشرة من عمره، ويوم أن تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع الإسلامي، فلن
يخطر في بالها أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب محمد صلى الله
عليه وسلم، بل يتجه نظرها وبحثها إلى بيوت كبار أصحابه، أو بيته هو نفسه
عليه الصلاة والسلام، ومن ثم نجد أن اختيار هذه الدار كان في غاية الحكمة
من جميع النواحي.
مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
عن
الأرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم بدر:
ضعوا ما كان معكم من الأثقال فرفع أبو أسيد الساعدي سيف ابن عائذ المزربان
فعرفه الأرقم بن أبي الأرقم فقال هبه لي يا رسول الله فأعطاه إياه.
وعنه
رضي الله عنه أنه جاء إلى رسول الله فسلم عليه فقال: أين تريد؟ فقال: أردت
يا رسول الله ههنا وأومأ بيده إلى حيز بيت المقدس، قال: "ما يخرجك إليه
أتجارة؟" فقال: قلت لا ولكن أردت الصلاة فيه، قال: "الصلاة ههنا وأومأ
بيده إلى مكة خير من ألف صلاة وأومأ بيده إلى الشام"
الصلاة في مسجد الرسول
تجهّز
الأرقم -رضي الله عنه- يريد البيت المقدس، فلمّا فرغ من جهازه جاء إلى
النبي -صلى الله عليه وسلم- يودّعه، فقال: (ما يُخرجك؟ أحاجة أم
تجارة؟)... قال: (لا يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، ولكنّي أريد الصلاة في
بيت المقدس)...
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام)... فجلس الأرقم...
وفاته
عن محمد
بن عمران بن هند عن أبيه قال: حضرتْ الأرقم بن أبي الأرقم الوفاة فأوصى أن
يصلي عليه سعد فقال مروان: أتحبس صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم لرجل
غائب أراد الصلاة عليه؟ فأبى عبد الله بن الأرقم ذلك على مروان وقامت معه
بنو مخزوم ووقع بينهم كلام ثم جاء سعد فصلى عليه وذلك سنة 55 هـ بالمدينة
المنورة وتوفي وهو ابن بضع وثمانين سنة.