monaliza عضو ذهبى
نقاط : 54707 العمر : 34
| موضوع: فقد اعز الناس؟؟؟؟؟؟؟ الجمعة مارس 26, 2010 2:24 pm | |
| انطلقَ صابر يقودُ سيارته بسرعةٍ كبيرةٍ بصحبة كلبه الوفىّ (جو ) ؛ ليلحقَ موعدَ الحكم عليه فى محكمة الأحوال الشخصية بالقاهرة فى قضية زيادة النفقة ، والتى أقامتها عليه زوجته ومازالَ يقودُ شارداً ، ويلعنُ اليومَ الأسودَ الذى عرفها فيه حتى اصطدمتْ سيارته بشاحنة لورى ، فانقلبتْ به سيارته عدة انقلاباتٍ مدويّةٍ فقدَ الوعى على أثرها ، وقفزَ كلبُه جريحاً ..
وتحمّلَ الكلبُ على نفسه ، وظلّ يزحفُ جريحاً حتى اقتربَ مِن صاحبه صابر الذ ى كان يحتضرُ وظل واجماً يستعيدُ ذاكرته وكيف اشتراه صابر من سيدةٍ قاسيةٍ كانت تنسى كثيراً موعد طعامه ، ولاتلتفتُ إلا لنفسها فقط ، حتى أصبحَ ملكاً لصابر وكم شاهدَ الخلافات الزوجية المحتدمة بين صابر وزوجته المادية المتسلطة ؛ بسبب مطالبها المادية التى لاتنتهى أبداً
حتى انتهى الأمرُ بينهما بالطلاق ...
حضرَ رجال الإسعاف وأخذوا فى محاولة إنقاذ صابر ، وعدم المبالاة بعلاج كلبه الذى ينزفُ بغزارةٍ ، وعاودتْ الكلب ( جو ) ذكرياته مع صاحبه صابر بعد تطليقه لزوجته ، وكيف كان يشكو همومه لصديق الطفولة الحميم ؛ فترتاح نفسُ صابر بعض الشيئ ، حتى فاجأه صديقه بأنه مضطر للسفر إلى دول الخليج ؛ للبحث عن زيادة دخله ؛ سعياً وراء المادة ، وتاركاً صابر وحيداً فى مصر التى يعشقُ ترابها ، ولايتخيلُ أنْ يبعدَ عنها يوماً واحداً مهما كانتْ الإغراءاتُ الماديّة .....
ومازال الأطباءُ يحاولون إسعاف صابر ، ويهيم الكلبُ فيتذكر أنّ صاحبه صابر بعد طلاق زوجته ، وسفر صديق العمر فالآن لم يعد له صديق غيرى أنا كلبه الوفى الذى أظل ساهراً بجوار فراشه أحرسه من كل أنواع الشرور ، وأؤنس وحدته فيناجينى واثقاً مِن إحساسى لما يريدُ ؛ فلاأعصى له أمراً ، وفى الصباح يذهبُ لعمله ، فأصحبه فى سيارته ، ويتركنى ساعاتٍ فلاأئن ولاأشكو ، وعندما يأتينى أحتضنه ، وكأننى طفلٌ ضالٌّ قد عثرَ على أمه بعد حرمان ويأس شديد ....
أفاق صابر لحظاتٍ إثر محاولات التنفس الصناعى التى يجريها الأطباء فى الشارع ، فينتعش الأمل عند كلبه ( جو ) الذى عادَ لخياله الجامح ، وكيف مرّتْ الأيامُ ، وتوطدتْ فيه أواصرُ الصداقة مع صاحبه ؛ لدرجة أنّ صابر كان يرسله لبائع الصحف
ليأتيَه بجريدة الصباح معلقة برقبته إلى فراشه ، ولن ينسى الكلبُ ( جو ) عندما استيقظَ صابر مبكراً مع آذان الفجر وبعد الصلاة اصطحبه معه ؛ ليسيرا على ضفاف النيل فتأخر خطواتٍ عن صاحبه ؛ ليلهو بين الحدائق الخضراء التى أحاطتْ بنهر النيل ؛ فى لحظاتٍ من النشوة الجميلة مستمتعاً بنسمات الصباح الأولى التى غازلتْ وبر جسمه فردّ التحية للنسمات مداعباً ذيله فى سرورٍ ، وقد خلا النيلُ من المحبين فى هذا الوقت المبكر ، فلاتسمعُ إلا أزيز العصافير التى استيقظتْ ساعية إلى رزقها ، وتمد بصركَ للنيل فتشاهد رجلاً كهلاً وقد رمى شباكه مِن قاربه الصغير ، داعياً الله أنْ يرزقه برزقٍ كبيرٍ مِن الأسماك ، ثم أفاقَ ولم يجدْ صاحبه صابر بجواره فأسرع كالصاروخ حتى وجد صابر وقدأحاط به ثلاثة مِن اللصوص ، وقد ظهرَ على ملامحهم كل آثار العدوان والمخدرات وماهى ثوانى حتى ألقى بجسمه عليهم دون أى خوف أو تردد وأراد أن يعقرَ أحدهم لولا أن اللصوص ارتعبوا منه وسارعوا بالهرب ، فحضنه صاحبه صابر قائلا : تيقنتُ اليوم أننى أمام أوفى صديق حميم ، نعم صديق يفديكَ بعمره ولاترهبه السكاكين ولاكثرة الأعداء ، بل يلازمكَ أينما تكون دون أى مطمع غير لقيماتٍ ألقيها له بين الحين والحين..
وظلتْ أنفاسُ صابر تتلاحق مسرعة ، وأحس بدنوّ أجله فنادى كلبه (جو) يودعه وينظر له بعيونٍ أدمعها الفراق ، وبقلبٍ احترقَ مِن قسوة الزمان وغدر الناس ، ثم تهادتْ روحُ صابر صاعدةً إلى بارئها ، فابتعدَ الأطباءُ واقتربَ الكلبُ ( جو ) من صاحبه يحتضنه وينوح عليه ناسياً جرحه النازف حتى مات هو الآخر فى حضن صاحبه ...... تمت بحمد الله
| |
|